ملخصات دروس في رحاب القرأن – الدكتور محمد سعيد رمضان البوطي رحمه الله

# شهر رمضان شهر القرأن

ورد عن الإمام النووي أن قراءة القرأن الكريم هي من أفضل أنواع الذكر وأوصي الأخوة بالإكثار من قراءة القرأن في هذا الشهر الكريم.

فقراءة القرأن أفضل من التسبيح والتهليل والاستغفار وسائر أنواع الأذكار. وأحب أن أقول لكم إن مفتاح الفرج لكل مصيبة إنما يتمثل في الارتباط بكتاب الله عرف ذلك من عرف وجهل ذلك من جهل.

الارتباط يعني تلاوته تلاوة سليمة وأن يكون بتدبر كما ذكر العلماء وأن تكون التلاوة بالأداب المعروفة لتلاوة القرأن.

فمن التزم بذلك جعل الله له من كل هم وغم فرجا سواء كان هما خاصا به أو هما عاما.

فكل من يتعرض في حياته للهم والكرب كما يتعرض أيضا للفرحة والإنشراح ويسألني كثير من الشباب عن سبيل النجاة من الكرب فأقول لهم سبيل النجاة من
ذلك هو الالتجاء الى كلام الله ومن مارس ذلك يدرك صدق ما أقول

# القرأن ربيع القلب

يقول المصطفى صلى الله عليه وسلم نقلا عن ربه في الحديث القدسي الذي يرويه أبي سعيد الخدري:

من شغلة القرأن وذكري عن مسألتي أعطيه أفضل مما أعطي السائلين

فالله يعلم مافي نفسك ويعطيك أفضل من السائلين.

روي عن عبد الله بن مسعود يقول رسول الله صلى الله عليه وسلم:

أقرؤوا القرأن فإن الله لايعذب قلبا وعى القرأن وإن هذا القرأن مأدبة الله في الارض ومن دخل مأدبته فهو أمن

مالك ابن دينار يقول القرأن ربيع القلب كما أن الغيث ربيع الأرض

فالأرض ربيعها المطر فاذا حرمت من المطر تحجرت وصلبت
فما الذي ينقذ هذه الارض من التحجر والقسوة؟ إنه الغيث فعندما يهطل تنبت الارض من كل زوج بهيج وكذلك ربيع القلب هو كتاب الله سبحانه وتعالى فالقلب الذي لايتشرب كتاب الله عن طريقة تلاوته لها يتحجر كالأرض التي حرمت من الغيث فالإنسان الذي يتلوه فقط في المناسبات قلبه يظمأ ويتعطش ومع
الاستمرار يقسو القلب ويتحجر وربما كان ذلك سببا لموت صاحبه على الكفر

# فضل القرآن على اللغة العربية

ينبغي أن لاننسى فضل هذا الكتاب على اللغة العربية. فلولا هذا القرأن لما عرف العرب اليوم لغة اسمها اللغة العربية وإنما كانوا يقرؤون عنها في التاريخ

فالذي أبقاها وحماها وجعل لها فنون البلاغة وما إلى ذلك هو هذا الكتاب. ينبغي أن لاننسى هذه الحقيقة

عندما بعث النبي صلى الله عليه وسلم كانت الجزيرة العربية تحتضن اثنا عشرة لهجة عربية منها القرشية وكانت هذه اللهجات متباعدة عن بعضها البعض بحيث كان بعض القبائل لايفهمون قبائل أخرى.

استقطب القرأن العرب كلهم وجمعهم على اللهجة القرشية فاستصلبت اللغة العربية وترسخت باللهجة القرشية التي اختارها الله عز وجل وتحدت اللغة العربية القرون والظروف والغزوات الى يومنا هذا

فاذا كنا صادقين في رغبتنا في استبقاء العروبة واللغة العربية فعلينا ربط اللغة بينبوعها ألا وهو القرأن

# لماذا تحارب اللغة العربية؟

إن بين اللغة العربية وكتاب الله تلازما دائما
فإذا تمرست الأمة باللغة العربية وكان لها حظا وافرا منها كان لها أيضا حظا وافرا من دراية القرأن الكريم والعكس صحيح

فالإمة التي لها حظا وافرا من الاهتمام بالقرأن ودراسته يقودها ذلك الى مزيد من التبصر باللغة العربية

تجد أناسا لاتدري لماذا يحاربون اللغة العربية وتقليص علاقة الأمة بها بشتى الوسائل وهنالك مساع كثيرة لإلهاء اذان الناس باللغة العامية بدلا من العربية الفصحة وكثيرا من الإذاعات أصبحت تفضل الكلام باللهجة العامية

فهم في الحقيقة لايحقدون على اللغة وإنما يحقدون على النتيجة التي هي تذوق القرأن والدراية به

# تعلم تلاوة القرآن بالتلقي

القرأن لايجوز أن يتلى الا عن اجازة ورواية لأن النبي صلى الله عليه وسلم
قرأ القرأن سمعه أصحابه فقرأوه وأقر عليهم وهكذا قرأه التابعون على اذان الصحابة وأقرها الصحابة

فالذين يعتبرون القران جريدة من الجرايد تكفي الثقافة التي تلقاها الانسان من مدرسته لقراءة القرأن
لايجوز ذلك فصيغة القرأن وعباراته ورسمه يختلف

فكم من أساتذة الجامعات لايتقنون قراءة القرأن فثقافتهم لاتكفي

# وهل يفترس القرآن أحداً ؟

أقول للذين يخافون من قراءة القرأن فيفترسهم ويحولهم من ملحدين أو لادينيين إلى مؤمنين, أقرؤوا القرأن كما يفعل المستشرقون الذين يقرأون القرأن ويستخرجون بلاغته واعجازه وفي نفس الوقت يحصنون أنفسهم من التحول الى جماعة مؤمنة
فيمكنكم قراءة القرأن لاستخراج البلاغة والنطق السليم ولإتقان اللغة العربية أما أن تقولوا
أنكم تريدون التضحية باللغة العربية لكي لايفترسكم القرأن
فهذا ليس بكلام
فعندما ندرس اللغة العربية وقواعدها نستشهد حصرا بالشعر الجاهلي أو بالقرأن او بكلام صح عن رسول الله في ذلك العصر
أما بعد ذلك كعصر أبي الأسود الدؤلي فقد دخل اللحن وأمور كثيرة ولذلك
فإن اللغة العربية حجة عليهم وليسوا هم حجة
ولذلك أية مصدر من مصادر اللغة العربية نجد أن الاحتجاج يكون بالقرأن أو الشعر الجاهلي أو بكلام نثري في عهد المصطفى
فلم نرى أحدا يستدل بقواعد اللغة العربية بشعر نزار قباني أو طه حسين ؟
لايمكن بشكل من الأشكال

# واقع مؤسف

إذا لم يقبل الناس الى كتاب الله منذ عهد الصبا يدرسونه وبتلقونه ويكثرون من تلاوته بحيث يختلط
ذوق اللغة العربية في كتاب بالله بنفوسهم فانهم لن يستفيدوا من كثرة المناهج في اللغة العربية.

في طلاب الجامعات مثلا حاول أن تسمع تلاوة صفحة من كتاب الله لن تجد منهم من يتقن تلاوة كتاب الله

فالذين يخدمون القرأن لايتجاوزون ال 20 بالمئة فرحم الله عهدا لاينتقلون الى مراحلهم الدراسية الا بعد تجاوز مرحلة تلقي القرأن من أوله لأخره تلقيا سليما

المطلوب من أسرة الطالب أن تلقن صغارها القرأن من ألفه الى يائه رحم الله ذلك العهد عندما كانت تحتفل الأسرة عندما يكون طفلها قد ختم القرأن تلقيا

فللأسف قد انطوى ذلك العهد

 

# بين لسانٍ رطْبٍ ولسانٍ متخشب

ما اعلم شيئا اجتمع عليه المسلمون خيرا من تلاوة وتدارس كتاب الله عز وجل

يجب أن يكون اللسان رطب بتلاوة كتاب الله فأنا أشفق على من يدخل المساجد ولايزال يتعتع بقراءة القرأن
فلسانه متخشب غير متمرس بقراءة القرأن

ينبغي أن نتدارك ذلك خصوصا من الكبار في السن فتلاوة القرأن وتدبره
يصلح حالنا ويفرج همنا