التالي هو من كتاب يغالطونك إذ يقولون للدكتور محمد سعيد رمضان البوطي
. لا شك أن الإسلام دين معنى كونه دينا أنه دعوة للناس جميعا إلى أن يصطبغوا بصبغة العبودية لله عز وجل بسلوكهم الاختياري. كما قد اصطبغوا بصبغة العبودية لله بواقعهم الاضطراري. هذا معنى كونه الإسلام دين الإسلام. خطاب موجه من الله عز وجل إلى عباد الله تعالى يقول لهم يا أيها الناس انظروا وتأملوا في أنفسكم ستجدون أنكم مصبوغون بحقيقة العبودية لله بالطبع والانفعال أطلب منكم إذن أن تصطبغوا بهذه الحقيقة أيضا بالسلوك والاختيار. فكما أننا نعبد الله عز وجل بالواقع الاضطراري بدا ذلك واضحا أنا منفعلون بكل قدراتنا ولسنا فاعلين متحكمين لشيء منها إذ ينبغي أن أكون أيضا عبد الله بسلوكي وفهمي الاختياري.
وإذا اصبطغ أحدنا بهذا الدين أيقن أنه عبد الله ولا بد أن يلزمه يقينه هذا بالسير على المنهج الذي رسمه الله عز وجل. وبهذا تتحقق عبودية لله اختيارا. كما قد سبقت بها اضطرارا ولكن أنا أقول الله سبحانه وتعالى يصفدنا بالأغلال ويجبرنا على سلوك هذا النهج؟.
الجواب واضح إن الله عز وجل عندما كلف عباده لم يقيض أحد منهم بأغلال ولا بقيود وإنما هم بعكس ذلك تماما وحرية الاختيار وقدرتهم على اتخاذ القرار تجعلهم يستطيعون أن يسيروا في جنبات الأرض والدنيا كما يشاءون. ثم قال لهم الآن وأنتم تملكون قدراتكم وتستطيعون أن تتخذ القرار الذي تشاؤون أطلب منكم أن تفعلوا هذا وتترك ذاك وعندئذ يستبين مع استجابة الإنسان التكليف وهذا ما يقول العلماء إن التكليف لا يستنبط إلا في تربة الحرية تكون حرا. يأتي سلطان التكليف يخاطبك فإذا زالت الحرية لسبب من الأسباب أيا كان يختفي عند التكليف إذا قالوا الناس لا يكلف المكره لا يكلف الغافل. وقول رسول الله صلى الله عليه وسلم رفع عن أمتي الخطأ والنسيان وما استكرهوا عليه. غير أن ثمة قهرا آخر يلاحق به الله عباده وتوعدهم يوم القيامة بعد أن تركهم أحرارا في الدنيا يوعدهم إنهم نفذوا أوامره بالأجر الوفير ويتوعدهم أنهم ابتعدوا عن أوامره بالعقاب الشديد ثم يتركهم في هذه الدنيا يفعلون ما يشاء يقول الله عز وجل وقل الحق ربكم فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر إن اعتدنا للظالمين نارا أحاط بهم سرداقها وان يستغيثوا يغاثوا بماء كالمهل يشوى الوجوه وبئس الشراب سائت مرتفقا.
و يقول الله عز وجل إلى الرسول الكريم فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر يقول تعالى فأتت كل الناس حتى يكونوا مؤمنين. والآيات المعبرة عن هذا المعنى كثيرة إذا كان الله يوسع الأرض لا يلزم عباده في الدنيا أن يتمسك بشرائعه وإنما يطلب إنما يطلب منهم أن يتمسك بها طوعا ولا يلزمهم بها كرها.و يقول الله عز وجل إلى الرسول الكريم فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر إلا من تولى وكفر فيعذبه الله العذاب الأكبر يقول تعالى فأتت كل الناس حتى يكونوا مؤمنين. والآيات المعبرة عن هذا المعنى كثيرة إذا كان الله يوسع الأرض لا يلزم عباده في الدنيا أن يتمسك بشرائعه وإنما يطلب إنما يطلب منهم أن يتمسك بها طوعا ولا يلزمهم بها كرها.
يملك الحكام أن يجبروهم بما لم يجربه تعالى بهم الناس إذا لم يأمر الله رسوله أنبيائه يجبر الناس إجبارا فيلزم الله الحكام بعد الرسل والأنبياء أن يجبر الناس ويحرمون من حرياتهم ويفصلهم عن إمكان اتخاذ القرارات التي يشاءون. تتناقض كليا مع طبيعة الإسلام بل مع طبيعة التكليف لأنه من الثابت أن الأحكام التكليفية لا تغرس إلا في تربة الحرية تكون حرة قادرة على اتخاذ القرار الذي تشاء عندئذ كتاب الله قائلا افعل هذا لا تفعل هذا فإذا أصبحت مكرهاصفقا بالأغلال مقيدا عاجزا عن اتخاذ قرارك ابتعدت عندئذ عنك التكليف يجب أن يعلم كل مسلم هذه الحقيقة يجب عليه أن يسير. يجب على المسلم أن يسير وراء الخطى التي سارها رسول الله صلى الله عليه وسلم إذ كان رئيس دولة إلى جانب كونه بلغة عن الله سبحانه وتعالى وعندئذ سيجد نفسه ملجئا إلى يدير الحكم بين الناس أتكلم عن الحاكم والحاكم الدولة ستجد نفسها ملجئا يدير الحكم بين الناس على أساس محور الشورى ولا يستطيع أن يبرم أمرا ما لم ينص عليه بأن الله وسنة رسوله إلا بعد الرجوع إلى هذا المحور فهذه واحدة.
وإذا رأى الحاكم أن في المجتمع من ينحرفون إلى آراء مخالفة للإسلام أو يجتهدون اجتهادات معارضة لدين الله سبحانه وتعالى أو من يريدون أن يعبروا عن أفكارهم تختلف كل الاختلاف عما ينادي به كتاب الله وسنة رسول الله فليس السبيل الشرعي. أن يصدر أصحاب هذه الآراء الجانحة أو يعاقبهم أو يزج بهم في سجون أو يسكتهم ما سمعت عن الإسلام بعث به سموه الأنبياءه خاتم الأنبياء محمدا صلى الله عليه وسلم داعيا إلى شيء من هذا كله.
كيف والإسلام يقول في أول مصدر من مصادره كتاب الله ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة وجادلهم بالتي هي أحسن. ما معنى وجادلهم بالجدل جدل وأخذ والعطاء من الكافرين وأصحاب الأفكار الجانحة آرائهم أصغي إليها استمع إليها ثم رد عليها بالحق التي تعززت به هذا قول عز وجل وجادلهم بالتي هي أحسن إن رسول الله صلى الله عليه وسلم يجادل المبطلين أو للحكام المسلمين ضعفا يجادل المبطلين إلا إذا أصغى إلى المبطلين إلا إذا أصغى إلى كلامهم كيف أجادل المقصد إذات ولا أسمع رأيه إذا نفذ أمر الله ينبغي أن أقول المبطل.
أيا كان ما المذهب الذي ما الفكرة التي تنادي بها قلها وأنت مطمئن ان تمارس حريتك فتعبر عن رأيه آمنا مطمئنا فإن عليه بعد ذلك أن أضع شبهته في الميزان وبين له الخطأ واتضح له أنه على الحق الذي يقول والمثال المحكم بيني وبينه هو العقل والمنطق والعلم الذي قال الله عز وجل عنه ولا تقف ما ليس لك به علم إن السمع والبصر والفؤاد كل أولئك كان عنه مسؤولا. إذن فالله عز وجل في هذه الآية يأمر كما تلاحظون بأن ندع السهرات كلها تتفتح حتى وإن كان فيها ما يسمى زهرا وهو في الحقيقة شوك بها جميعا تتفتح وتبين أن الشوك فيها من الورد وهذا هو المقصود من قول عز وجل وجاءت لهم بالتي هي أحسن. قد يقال إن هذا كلام نظري إذن تعالوا ننظر إلى الواقع العملي الذي يجسد هذه الوصية الإلهية ماذا قدمنا موقف رسول الله صلى الله عليه وسلمنا المبطلين ماهو موقفه من الجانحين.
وقد كانت حياته كلهاإصغاء إلى بطلان المبطلين والنقاش. وها أنا أستعرض معكم على السرعة بعض المواقف وفدنصارى نجران جاؤوا إلى رسول الله صلى الله عليه وسلم استقبلهم صلى الله عليه وسلم في مسجده مكرمين واصغى إلى أقوالهم وتركهم أحرارا يقولون ما يشاء ثم ناقشوا ثم تكلم ثمناقشهم وتكلم ثم ناقشوا ثم دعاهم إلى المباهاة فرفضوا وكانت النتيجة أن تركهم رسول الله صلى الله عليه وسلم لم يتوانون ويرت. المشاركون الذين كانوا يدافعون عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في مكة قبل أننهضوا الحكم الإسلامي في المدينة في ظل الحكم الإسلامي ترك الناس أحرارا يفعلون ما يشاؤون ويقولون ما يريدون ولكنه كان يناقش ويجادل ويدعو وكان يسفه الأفكار التائهة المنحرفة. تعالوا الآن لنرى كيف كانت سيرة الخلفاء في عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم. لقد سار على هذا المنوال تماما.
تركوا الناس يقولون ما يشاؤون لكن على أن يعقب الباطل تشتعل والنقاش. وفي بيان الحق تداعت ينبغي أن تكون سائرة بغية تجنب السبل والوسائل كلها من أجل بيان الحق من أجل تجديد المنطق والعقل والعلم والدعوة إليه. انظر إلى هذا المثال الجليل في القرن الثاني الهجري. ولدت بعض الفرق الباطنية المنحرفة وتكاثر بعضها عن بعض. وقد خرج البعض منها عن الإسلام ووقع في مزالق الكفر منها المعتزلة بكل فرقهم التي تزيد على العشرين فرقة وكل فرقة تكفر الواحدة منها الأخرى. الموجة الجامية الحشوية الجبرية الخوارج إلى ما هنالك فهذه فقاقيع من الفرق كل منها قديمة الأشخاص والأعداد لكنها ظهرت على مسرح المجتمع الإسلامي وفي ظل الحكم الإسلامي وقد استعمل كل منها بآرائه الجانحة فماذا كان موقف الحكم الإسلامي منها هل كان موقفه العقاب والإسكات أم كان موقفه منها سوق من السجون.
يعرف الجواب كل مثقف. لقد ترك هؤلاء الناس يتحدثون كما يشاءون على أفكارهم السائرة كما يحبون. الشيء الوحيد الذي مارسه الحكام في هذا الصدد هو مناقشة الناس ومجادلتهم لكم تعلمون أن مسجد الكوفة مسجد البصرة كان يفيد كل من دائما ويزخر بالحلقات المتنوعة المختلفة لكل تلك الأفكار الجانحة هنا حلقة بناديب مدرب نادي المدرس فيها بالفكر الاعتذاري وهنالك أخرى يدعى فيها إلى الفكر الجميل. هنالك حلقة ثالثة يعبر فيها المدرس عن الرأي المرشدين وهكذا. وكان جمهور المسلمين أهل السنة والجماعة هم السواد الأعظم يناقشون الجميع ومن المعلوم أن تلك الفرق سادت ثم تقلصت ثم بادت ولكن الثبات تحت وطأة الإسكات والكهرب والقهر والعقاب إن ما زالت عن طريق استمرار المناقشة والحوار.
نعم لقد جرح المعتزلة اسرته بالحكم والحكام وسيطرتهم على أفكار المأمون من بعده إلى القهر والبطش مستعينين بذلك بسلطان الدولة حيث إلحاق الضرر والأذى بأحمد بن حنبل وآخرين لعدم اقتناعهم بأفكار المعتزلة ولكن المعتزلة لم يكونوا لسان ناطق باسم الإسلام بل كانوا ككثير من الاسلاميين اليوم يسعون إلى بسط معوناتهم على الناس باسم الإسلام وتحت مظلة الوطنية وحكمه وكان كما هو معروف مظهر الجنوح عن الإسلام سواء في فهمي أو في تطبيقي. والآن قد يقول أحدهم فيما يلاحق الحكم الإسلامي الناس العاصين بالعقاب. إذا سرق السارق قطعة لهم ترتكب ترتكب الفاحشة أو رجما وإذا قتل وتعرض لعقاب القتل وهكذا وبالجملة فالناس في شريعة الإسلام ما يسمى بالحدود التي تلاحق المجرمين والمرتكبين لهذه الجنايات وأمثالها أين هي الحرية.
الجواب أن هذه العقوبات لا تتعارض مع الحرية التي أكرم الله سبحانه وتعالى بها الإنسان لا سيما تحت مظلة الحكم الإسلامي. العقوبات التي شرعها الله عز وجل إنما شرعت لحماية حقوق الإنسان. أو لحق الإنسان. شرع الله سبحانه وتعالى عقابا للسارق أضاعت حقوق الناس فيما يتعلق برعاية ممتلكاتهم ولو لم شرع الله العقاب القاذف أضاعت حقوق الناس فيما يتعلق بضرورة المحافظة على كرامتهم ولما شرع الله عقابا لمرتكبي الفاحشة إذا أضاعت حقوق الناس في المحافظة على الأسرة وفي المحافظة على الأرض والأنساب. وكما أن للإنسان حقوقا فإن الله سبحانه وتعالى يضع الحقوق ومع هذا هنالك ضوابط وقيود وشروط شديدة وقاسية جدا لإقامة هذه الحدود وحسبكم أن تعلموا أن الحاكم إذا وجد نفسه أمام أدنى شبهة وجب أن توجه لصالح المتهم ومن ثم إن الحدة وعلى الحاكم أن يستعيض عنه بما يسمى التعزير.
وفي هذا يقول الرسول صلى الله عليه وسلم فيما ترويه عائشة رضي الله عنها درء الحدود بالشبهات ما استطعتم إن الحاكم يخطئ في العفو خير من أن يخطئ في العقوبة الله عليه وسلم وهكذا. إن العقوبات التي يرسمها الشارع أمر تطبيقها تحت مظلة الحكم الإسلامي لا تتعارض أبدا إطلاقا مع فتح المجال واسعا لحريات الناس وعبروا عن أفكارهم واتجاهاتهم ومذاهبهم كما يشاؤون وفي صفوف المعارضة أيضا يتولى الحاكم. سمعنا خبر دولة على وجه الأرض في عصرنا اليوم أو قبل هذا اليوم وهي تأخذ رعاياها بالعقوبات الزاجرة نسبة للجناة المسيئين لحقوق الآخرين. وكي ننبه إلى الضوابط التي يقيد بها الإسلام حرية الناس تحكم الحكم الإسلامي.
قلت وأؤكد. يقول الدكتور سعيد رمضان الروسي أن أي دولة إسلامية إذا أتيح لها أن تطبق شريعة الله سبحانه وتعالى كما أمر الله وكما كان سيدنا محمد صلى الله عليه وسلم وطبقها فلا بد لها أن ترعى حريات الناس وأن تهتم بالمحافظة عليها وتكون الأدلة الكثيرة على هذا من قبل. أوضحنا موقف التراث الإسلامي من الفرقة الشارحة التي تكاثرت في القرن الثاني وكلها كانت عن الإسلام بل ربما انزلق بعض منها إلى الكفر ومع ذلك فإن الدولة الإسلامية لم تقف منها موقف المصادرة لحرياتها ولم تعاقب أحدا من أقطابها ولم تكف السادة الناس عن التعبير عن آرائهم وأفكارهم وإنما اعتمدت الثورة الإسلامية على شيء آخر هو الحوار والنقاش.
لكن أعود فأقول هنالك ضوابط لابد من رعاية الدولة لها عندما تنظم وعندما من حر الحريات ويسعى في سبيل حمايتها والضوابط منها أن تتبين الدولة أن المعارضة حسب التعبير الحثيث وأن أصحاب الآراء الأخرى المغايرة إنما يعبرون عن آرائهم وأفكارهم الذاتية نابعة من ذخائرهم. أما التابعين للدولة الإسلامية هناك وحشا خارجيا يقود هذه الأفكاروجه المعارضة وأنهم يعبرون عنهم بدافع من تلك الحوافز الخارجية الآتية من خارج العالم الإسلامي. إن على الدولة الإسلامية في هذه الحال أن تصادر هذه الحريات. إنها ليست في الحقيقة من آثار الحرية الذاتية المقدسة أنها كما تعلمون في الحقيقة خادما لأفكار أجنبية لا علاقة لهذه الأمة بها.
أي أن هؤلاء الذين يتراءى لنا أنهم يمارسون حرياتهم الشخصية ليسوا إلا عملاء لخطوط أجنبية ماكرة متربصة منذ الذي يقول إن مثل هذه الحريات تقدس وتترك تفعل ما تريد أن تفعله عندما تكون الحرية لأنشطة معادية أجنبية فلا بد أن نقضي على الظلم من خلال القضاء على أصله وأعتقد أن هذا الضابط محل اتفاق ولا يمكن أن نعارض أحد وأحسب أن ما أحسب أننا في العالم دولة الناس أحرارا عندما تعلم أن هؤلاء الناس لا يمارسون حرياتهم الداخلية الشخصية وإنما يمارسون من خلال مظهرها حماية دولة أجنبية معادية فهذا هو الضابط الأول في ضبط الحريات في الدولة الإسلامية الثاني أنشطة المعارضة والمذاهب السياسية والثقافية والفكرية الأخرى إلى تقويض الحكم الإسلامي أي تتجه إلى القضاء على الإسلام ذاته وجواره من خلال القضاء على هذا الحكم فيتبين للدولة أن المعارضة تتجه إلى هذا القصد غير غريب لا ريب في أن هذه الحرية يجب أن تصادر لم يعد لها من القداسة والقيمة شروط. وهذا ما يقضي بين النظام العالمي كله وهو ما تسير عليه دول العالم أجمع. يزيد هذا الضابط وضوحا فأقول لأن الدولة من الدول في يومنا هذا أيا كان نظامه استبداديا أو ديمقراطيا شعرت أو اكتشفت أن في داخل تلك الدولة فئة تخطط لعملية انقلابية والمواقف التي تتخذه منها.
ومعلوم أنها ستقضي وفي أسرع وقت ممكن على هذه الخطة وأصحابها لابد أن تأخذهم بجريرة هذا العمل إذ عمل خيانيا ولا ريبة ولا يمكن لأحد أن يقول إن على الدولة أن تقدس الحرية وأن عليها أن تترك هؤلاء الناس أحرارا يتصرفون كما يشاءون وتدعوهم يتسلقون أجهزة الحكم من كراسي الحكم وبنظام الدولة ويستبدل بهم ما يشاءون.
وختم بهذا المنطق إذا كان لكل إنسان أن نفعل هذا ومن ثم فلن توجد دولة. ذلك أنه على هؤلاء الذين جاؤوا ونجحوا في الأبيض أن يغض الطرف عما سيأتي من بعدهم ليقوموا بالعمل ذاته. وعليهم أيضا أن يتهيأ لهم ما يفعل بهم الفعل ذاته. هكذا إذن تكون الدولة دولة يصبح هذا المجتمع عبارة عن قدر يغلي بالفتن وأغلب المشكلات يعتري مجتمعنا هذا شأنه أو أن يؤدي مهمة إنسانية على صعيد الواقع الإنساني في حال من الأحوال. إذا فماذا نقول في الشريعة الإسلامية تقول لرعايا الدولة الإسلامية لكم أن تعبر عن انتقاداتكم كما تشاء لكم أن تعلن عن اجتهاداتكم المتفقة مع شرائع الله عز وجل أو المخالفة لا كما تحب ولكم أن تعبر عن قناعاتكم السياسية التي تخالف قناعات الدولة أيضا كما تحبون. كل هذا داخلا في حقوق وحرياتكم ولكن مع مراعاة الضوابط التي ذكرنا.
ولكنكم ولكنكم تقولون وإذا أعلن أحدهم عن رحلته وخروجه من الإسلام فتتركه الدولة الإسلامية حرا في التصرف ما هو موقف الدولة الإسلامية والإسلام من المرتدين. في ظل الحكم الإسلامي أقول في هذا الشاب الدكتور محمد سعيد رمضان رحمه الله إن هذا الإنسان الذي غير عقيدته وترك الإسلام بعد أن كان مسلما واعتنق آخر أو عقيدة أخرى لا يخلو وضعه من إحدى حالتين. تعال نعلم لماذا ترك هذا ملحد الإسلام نعلم ما يتوقع أن وضعه لا يخلو من إحدى حالتين الحالة الأولى أن يغير معتقده بينه وبين نفسه فلا يجلجل به في الأوساط ولا بين الناس.
إذ كان الإسلام قناعة مؤمنة على فكره وغابت ترتسم في ذهني قناعة أخرى وأخذ يتعامل داخل حدوده الذاتية مع قناعته الثانية في هذه الحال لا يلاحق أحد ولا يتجسس عليه لمعرفة تخيلت نفسه أحد. الحالة الثانية أي يعمل هذا الإنسان الذي يعتمد على الإسلام فيعلن ارتدادهم ويجعل من ارتدادهم إعلانا كبيرا يجلجل به في المجامع التي فيها ويعلن بين الغاضبين والرائحين أنه كانت أيام وكان الطالح واهتدى بس إلى الصراط المستقيم ينصت إلى ذلك متحدثا بلسانه أو كاتبا في قلمه في سائر الفرص السانحة له.
لذا فإنه في هذه الحالة الثانية انقلب إلى عنصرا محاربا للمجتمع الإسلامي إذ كان بوسعه لو لم يضمر الحرابة لنظام المجتمع الذي هو فيه أن يشتري عقيدته الشديدة بينه وبين نفسه في داره حتى مع أهله وأولاده وكان بوسعه أن يخرج من هذا المجتمع إلى مجتمع آخر يبعد شره عن المجتمع الذي كان فيه ولينسجم مع مجتمعه الجديد الذي اتفق معه على هذا وذاك. وإذا لم يستطع أي منهما بل أصر على أن يجلجل بمعتقده الجديد ويدعو الناس إلى فكري مؤيد له ومدافعا عنه فلا شك أنه قد أبى إلا أن يوحي لنفسه إلى جرثومة تسري بالعدوى في المجتمع وكم يشك في أن هذا الإنسان رفع بذلك من عقدته الجديدة سلاح حربنا ضد المجتمع أو ضد الثورة التي هو فيها الإسلام ومن يأخذها بجريرة المحاربة لا يأخذه بجريرة اختيار الدين. كان هذا هو رائجا كبيرا من الفقهاء منهم السادة الحداثية.
والدليل على ذلك أن جريمته كانت تتمثل في أنه اعتنق دينا غير الإسلام إذن لحق الإسلام الكافر الأصلي في حين أن الإسلام أمورنا نتركه يمنعنا من ملاحقته وحمله على ترك دينه الذي نشأ عليه. وإنما نملك تجاه النصح وجدال والدعوة والحوار. وهذا دليل واضح على أن ملاحقة المرتد المستعجل والمتباهي به تعود إلى سبب الحرابة لا لسبب اختياره دينا آخر أي أنه جعل من عمله هذا السلاح حربا ضد المجتمع الذي فيه. بعد كل هذا الذي تم بيانه أعود إلى هذه الدعوة التي يرددها بعض الناس ويزعم أن الحكم الإسلامي يصادر حرية القول وحرية النظر والإرادة فأقول لأصحابها اطمئن وتأكدوا أنه إذا قامت الدولة الإسلامية على منهج الإسلامي الرشيد المنضبط بالتعاليم الإسلامية الحقيقية فلن تزداد الحريات تحت مظلة الدولة إلا قوة وتألقا سوف يمكن للإنسان أن يمارس حريته كما يشاء ولا أقول جربليتر ولكن أقول اقرأ الإسلام في مصادره الأساسية اقرأ الإسلام في أمهات الشريعة الإسلامية تتأكد من هذا الذي أقوله لكم ولا تحاولوا أن تفهموا الإسلام من خلال أخطاء شائعة وتلك هي المصيبة التي يقع فيها المسلمون ويقع فيه كثير من المسلمين اليوم.
كثيرون هم الذين لم يتح لهم أي درس الإسلام أو لم يرد أن يدرس في الإسلام غير أنهم يحاولون أن يصلوا في أفكارهم صورة للإسلام من خلال وقائع بعض الإسلامية وأحوالهم ينظرون إلى واقعهم وتصرفاتهم هنا وهناك ويجعلون من هذه التصرفات لسانا ناطقا يعبر عن الإسلام التي هعند الله سبحانه وتعالى. وقد كان الناس ويزون غير معصومين وواجبنا أن نعرف الرجال بالحق لا أن نعرف الحق بالرجال لا سيما هؤلاء الرجال كثيرا ما يكون في الناس من هم مجندون لتشويه الإسلام يمارسون أعمالة دقيقة يتقاضون أجورهم عليها فلا يجوز أن يغيب عن بال إنسان المثقف يعي طبيعة عصره حتى لقد أصبح من شأن هؤلاء الناس. يرى أحدهم ظاهرة العنف هنا وهناك باسم الإسلام فلا شك أن الإسلام هو الذي يقتل هذا كله. أقول لجميع الناس وارجعوا إلى المعين الإسلام في مصادري التأهيل لأخطائهم تجد مصداق ما أقول والحمد لله رب العالم.